من هم جنود الرب في لبنان؟
منذ عقود، تعرف لبنان بتنوعه الديني والطائفي والسياسي، وهذا التنوع يتجلى أيضًا في الفصائل المسلحة التي تعمل في البلاد. واحدة من هذه الفصائل المسلحة المعروفة في لبنان هي “جنود الرب”. في هذا المقال، سنلقي نظرة على من هم جنود الرب، وكيف تشكلت جماعتهم، وما هي وظيفتها.
جنود الرب هي جماعة مسلحة مسيحية في لبنان تأسست في عام 1975 خلال الحرب الأهلية اللبنانية المستمرة. تشكلت الجماعة بشكل رئيسي من المسيحيين اللبنانيين الذين تأثروا بالتوترات الطائفية والسياسية في البلاد. وقد شكلت جنود الرب جزءًا من الميليشيات المسيحية التي نشأت في تلك الفترة في لبنان.
على الرغم من تعريف الجماعة لنفسها على موقعها الإلكتروني بأنها “ليست حزباً ولا منظمة” وتدّعي بأنها “تحمل تعاليم يسوع ومؤتمنة على وصاياه”، إلا أن أفراد هذا التنظيم يشبهون بقمصانهم وطريقة تنظيمهم بدايات صعود الميليشيات النازية والفاشية في أوروبا في ثلاثينات القرن الماضي. وهناك بعض المعلومات التي تشير إلى اختراق استخبارات الجيش اللبناني وأجهزة استخباراتية أخرى لهذه الجماعة.
وظيفة جنود الرب كانت تعزيز وحماية المجتمع المسيحي في لبنان من التهديدات الداخلية والخارجية. كانوا يعتبرون أنفسهم حراسًا للمسيحيين ومدافعين عن مصالحهم في وجه التهديدات المحتملة. قاموا بتنفيذ عمليات عسكرية وتأمين المناطق السكنية والمؤسسات المسيحية، وكانوا مشاركين نشطين في الصراعات الداخلية في لبنان.
أول ظهور علني لتنظيم “جنود الرب” كان في أواخر عام 2019، خلال الاعتراضات الشعبية والكنسية على تنظيم حفل لفرقة تدعى “مشروع ليلى”. وقد تعرضت الجماعة للانتقادات بسبب أنشطتها ضد مجتمع الميم، وهناك تقارير تفيد بأن الجماعة قامت بتخريب لوحة من الأزهار بألوان قوس القزح في الأشرفية وتهديدات أخرى.
يوجد تأييد من بعض الأطراف المسيحية لحركة “جنود الرب” وأنشطتها، وتحديداً فيما يعتبرونه حماية للمسيحيين. وقد أصدرت “الجبهة المسيحية” بياناً يؤكد حق المسيحيين في حماية أمن مناطقهم بالتعاون مع القوى الأمنية.
وقد تلقت جنود الرب دعمًا وتمويلًا من الخارج، بما في ذلك من إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك لتعزيز قدراتهم وتجهيزاتهم العسكرية. كان لديهم تدريبات عسكرية متقدمة وكانوا يمتلكون قوة نارية تمكنهم من الدفاع عن المجتمعات المسيحية والمواقع الاستراتيجية.
ومع تطور الأزمة اللبنانية وزيادة حجم الصراعات، تشتتت قوة جنود الرب وفقدت تأثيرها السابق. كما تغيرت الأولويات والظروف السياسية في لبنان، ومع تحقيق الاستقرار الأمني، تحولت الفصائل المسلحة إلى قوى سياسية واجتماعية تسعى لتحقيق أهدافها عبر العمل السياسي والشعبي.
تشكلت جماعة جنود الرب بشكل أساسي من خلال الاندماج والتعاون بين عدة فصائل مسيحية في لبنان. من بين هذه الفصائل، كانت القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية هما الأكثر تأثيرًا وانتشارًا. كانت هذه الفصائل تعتمد على الدعم المالي والعسكري من الدول الخارجية مثل إسرائيل والولايات المتحدة، وتمتلك تنظيمًا وتدريبًا عسكريًا قويًا.
مع مرور الوقت، تعرضت جنود الرب والفصائل المسلحة الأخرى في لبنان لتحديات عديدة. شهدت لبنان فترات طويلة من الاضطرابات والصراعات، مما أدى إلى تدهور قوتهم وتأثيرهم. كما أن التحولات السياسية والتوترات الطائفية في البلاد أدت إلى تغيير دورهم ووظيفتهم.
في الوقت الحاضر، يُعتقد أن جنود الرب لم يعد لهم وجود فعّال وملموس في الساحة اللبنانية بنفس القدر الذي كان عليه في الماضي. أثرت التطورات السياسية والأمنية في لبنان على دور الفصائل المسلحة بشكل عام، وأدت إلى تعزيز الدور الحكومي والأجهزة الأمنية الرسمية.
على الرغم من ذلك، قد يظل لدى بعض الأفراد الانتماء الفكري أو الرمزي لجنود الرب، ولكنهم قد تحولوا إلى قوى سياسية أو اجتماعية مدنية تعمل على تحقيق أهدافهم بوسائل سلمية وسياسية.
لذا، يمكن القول بأن “جنود الرب” تمثل حركة مثيرة للجدل في لبنان، تحمل خلفيات وتأثيرات متعددة ومتشابكة، وتلقي الضوء على التوترات الدينية والاجتماعية المعقدة في البلاد.