كيف يؤثر غياب إدارات المخاطر في الشركات على قرارات المستثمرين؟
باتت الحوكمة والإفصاح أحد أهم عوامل جذب المستثمرين إلى الشركات، وخاصة تلك المدرجة في أسواق المال، بجانب إدارة المخاطر التي تعد تقارير عن المخاطر والتحديات التي تواجه كل شركة هو ما يمثل أعلى درجات الحوكمة.
وقال الخبير في الحوكمة المؤسسية والمستشار القانوني هشام العسكر، إن أثر تطبيق الحوكمة على تقارير المراجعة الداخلية أو القوائم المالية يتضح حال إدراك مفهوم الفلسفة الحقيقية من أهداف الحوكمة، فهي في مضمونها تكرر لفظ الإفصاح في جميع بنودها.
وأضاف العسكر في مقابلة مع “العربية”، “لهذا فإن أي تقرير لمجلس إدارة أي شركة لا يشمل الإفصاح اللازم أو الشفافية المطلوبة، فإن ذلك ينتج عنه جهالة للمستثمر وعدم قدرته على اتخاذ القرار الصائب بالدخول في شركة ما من عدمه”.
وهذا يشمل عنصرين هامين، هما الإفصاح عن المخاطر والإفصاح المحاسبي لجودة التقارير المالية.
وقال العسكر إن من أبرز ملامح الإفصاح المطابق لأعلى معايير الحوكمة هو أن يحتوي تقرير مجلس الإدارة على سجل المخاطر بالشركة وعلى طرق معالجتها وتفاديها، وأن يكون مبني على قياس تقوم به إدارة المخاطر المعنية بهذه الشركة وليس على طابع انتقائي أو اجتهادي، فالملاحظ على تقارير غالبية الشركات أن كشف سجل المخاطر مكتوب بطريقة تقليدية وصيغة مكررة في جميع الدورات المالية لتلك الشركات، وهذا يتنافى مع المنطق والواقع.
وقال: “من المعلوم أن أعمال الشركات المدرجة بسوق المال تعج بالمخاطر، فما دام أن هنالك عملا فهنالك مخاطر تحديات ما يستوجب أن يكون سجل كشف المخاطر بطريقة مهنية أفضل تتناسب ومستقبل الاستثمار بحيث لا يشمل قياس المخاطر على الخطر المنخفض والمتوسط والعالي الخطورة ، بل على أي أساس تم تقييمه وطرق معالجته والقدرة أيضا على وضع احتمالية الحدوث والتنبؤ للمخاطر المستقبلية وطرق تفاديها، وهذا لن يحدث إلا بوجود إدارة للمخاطر في الشركة ينتمى إليها الكفاءات اللازمة بذات التخصص لأن إدارة المخاطر وإدارة المراجعة الداخلية هما جناحا الرقابة الداخلية لأي شركة، بل هما خط الدفاع الأول لها”.
وأشار العسكر أن هيئة سوق المال عرّجت على وحدة المخاطر لكنها ما زالت كمادة استرشادية، وأرى أنه من الأهمية بمكان في هذا التوقيت الدفع إلى أن تكون مادة إلزامية على جميع الشركات، فقد أوجبت المادة الثانية والعشرين الفقرة (أ) من لائحة حوكمة الشركات الصادر من هيئة سوق المال على أن وضع الاستراتيجيات الشاملة للشركة وخطط العمل الرئيسية وسياسات وإجراءات إدارة المخاطر ومراجعتها وتوجيهها من مهام ووظائف مجلس الإدارة، وأيضاً نصت الفقرة 17 من متطلبات الإفصاح في تقرير مجلس الإدارة على أن يتضمن ذكر أبرز المخاطر سواء كانت تشغيلية أو مخاطر متعلقة بالسوق أو غيرها، وهذا ما سبق وأن تحدثنا عنه.
وأوضح أن الملاحظ على ذكر غالبية الشركات بصيغة مكررة وتقليدية لا تعكس الواقع الفعلي، وهذا يرجع إلى عدم وجود إدارة للمخاطر وكفاءات في تلك الشركات في ذات الاختصاص.
وقال العسكر، “لكن من المؤسف أن ما يقارب 60% من الشركات المدرجة لا يوجد بها إدارة للمخاطر، لهذا لابد أن تعي مجالس إدارات الشركات أهمية هذه الإدارة وتسارع بإنشائها وفق مسؤولياتها المناطة بها وبحيث يكون هنالك تناغم بين إدارة المخاطر وإدارة المراجعة الداخلية للشركة لكي ينعكس ذلك على الإفصاح اللازم في تقرير مجلس الإدارة، وكذلك تقرير المراجعة الداخلية سواء من حيث النص على تلك المخاطر أو ضمان تطبيق الرقابة الدائمة لها ومعالجتها وتفاديها لكي نصل إلى تقارير واضحة ترتقي إلى أعلى معايير الحوكمة ويكون نافٍ للجهالة للمستثمر عندما يقوم بقراءتها أو الاطلاع عليها”.
Source link